التصميم الذكي
التصميم الذكي:
هو المفهوم الذي يشير إلى أن "بعض الميزات في الكون والكائنات الحية لا يمكن تفسيرها إلا بمسبب ذكي، وليس بمسبب غير موجه كالاصطفاء الطبيعي([1]). هذا المفهوم عبارة عن شكل معاصر للدليل الغائي لوجود الله بصورته التقليدية، الذي تم تعديله لتجنب الحديث حول ماهية المصمم أو طبيعته. يقول مؤيدو النظرية والذين يتبعون معهد ديسكفري([2]): إن التصميم الذكي هو نظرية علمية تقف على قدم المساواة أو تتفوق على النظريات الحالية التي تتعلق بالتطور وأصل الحياة([3]), يستشهد مؤيدو النظرية بما يسمى "علامات الذكاء" وهي تتضمن التعقيد غير القابل للاختزال (irreducible complexity)، آليات الإعلام (information mechanisms)، والتعقيد المخصص (Specified complexity), ويقول هؤلاء بأن الأنظمة الحية تُظهر واحداً أو أكثر من هذه العلامات؛ ومنها يستنتجون أن بعض جوانب الحياة قد صُمِّمت.
ويقول مؤيدو النظرية إنه بالرغم من عدم وجود أدلة محسوسة بشكل مباشر تدل على طبيعة "المصمم الذكي" أو الخالق، فإنه يمكن اكتشاف آثاره على الطبيعة.
وقد ناقش الفلاسفة مطولاً قضية أن التعقيد الموجود في الطبيعة يدل على وجود مُصمِّم (خالق) طبيعي أو فوق طبيعي. مثل هذه النقاشات نجدها في الفلسفة الإغريقية حول وجود خالق طبيعي. برز هنا مصطلح فلسفي هو اللوغوس (Logos), الذي يشير إلى ترتيب ضمني في بنية الكون. يُعزى هذا المصطلح أساساً لهيراكليتوس (Heraclitus) في القرن الخامس قبل الميلاد، حيث قام بشرحه في محاضراته([4]).
وفي القرن الرابع قبل الميلاد, وضع أفلاطون ما يدعوه: "demiurge" طبيعي للحكمة العليا والذكاء العلوي كخالق للكون في عمله الشهير Timaeus, وتحدث أرسطو أيضاً ومطولاً عن فكرة الخالق للكون وغالباً ما كان يشير إليه بالمحرك البدئي وذلك في كتابه الميتافيزيقا. أما شيشرون فهو يذكر في عمله: De natura deorum, أي: "في طبيعة الآلهة (عام 45 ق.م), أن "القوة الإلهية موجودة في مبدأ العقل الذي يسيطر على كامل الطبيعة" هذا الأسلوب في الاحتجاج والاستنتاج وتطبيقه للوصول لإثبات وجود خالق فوق طبيعي, عُرِفَ لاحقاً باسم الدليل الغائي لوجود الله. الشكل الأكثر أهمية لهذه الحجة([5])نجدها عند توما الأكويني في عمله: Summa Theologiae([6]), موضوع التصميم أصبح خامس براهين الأكويني الخمسة لإثبات وجود الله الخالق، ...
هذه الحركة أنعشت من جديد حركة جمع المستحاثات والعينات البيولوجية التي أدت إلى نظرية التطور التي صاغها داروين في كتابه أصل الأنواع (On the Origin of Species). نفس النهج لكن بافتراض أن مصمم إلهي قد وضع عملية التطور في مسارها قاد لتشكل ما يُدعى اليوم بنظرية التطور الإلهي theistic evolution, وهو اعتقاد بأن نظرية التطور والعلوم الحديثة متوافقة تماماً مع فكرة وجود خالق فوق طبيعي.
وقد بدأت نظرية التصميم الذكي تلقى قبولاً واسعا من العلماء في الآونة الاخيرة بسبب تَزَايُد أدلتها من وقت إلى آخر وخصوصاً بعدما أبدى الملحد الشهير (Antony flew) أنتوني فلو رجوعه عن موقفه من الداروينية الإلحادية وأعرب أن هناك مُصمِّم ذكي يقف خلف التطور([7]).
وكان أنتوني فلو قد اشْتَهَرَ بكتاباته في فلسفة الأديان, وكان طوال حياته ملحداً, وظلّ أكثر من 50 سنة ينتقد الأديان, وألَّفَ العديد من الكتب التي تدحض فكرة الإله (تجاوزت ثلاثين كتاباً كُلها تدور حول فكرة الإلحاد)، وكان من أشدّ مؤيدي نظرية التطور لداروين, غير أنه وفي آخر حياته ألَّفَ كتاباً نسخ كل كتبه السابقة، بعنوان: هنالك إله([8]). وقد تعرض لحملة تشهير ضخمة من المواقع الإلحادية في العالم وذلك لأنه ولخمسين عاماً كان يعتبر من أهم منظري الإلحاد في العالم، تميز فلو بأساليبه العلمية في الطرح واستشهاده بقوانين الطبيعة لإثبات آرائه، وقد بدأ يتخلى عن الإلحاد بعد تفحص عميق للأدلة ثم أعلن ما اعتبر صدمة قوية في وسط الفكر الإلحادي في العالم تحوله إلى الفكر الربوبي (Deism)!!!.
فهو أقرّ صراحة عام 2004م (وكان في نهاية حياته حيث كان عمره 81 سنة) أن هناك خالق للكون (وذلك من خلال الدليل على حد تعبيره) مستدلاً بأن العلم يؤكِّد أن الكون له بداية([9])(وما له بداية لابد أن يكون له نهاية) وأنه خُلِقَ من العدم, وأن الطبيعة تسير وفق قوانين ثابتة (وهو ما عُرِفَ بـ التصميم الذكي (Intelligent design) وأن القدرات العليا للبشر وكيانهم الروحي تشهد بوجود الخالق.
ملاحظات هامة:
[1] Discovery Institute, Center for Science and Culture. Questions about Intelligent Design: What is the theory of intelligent design? "The theory of intelligent design holds that certain features of the universe and of living things are best explained by an intelligent cause, not an undirected process such as natural selection.
[2] Discovery Institute, a Seattle-based think tank established in 1991. The institute, which promotes a conservative public-policy agenda, has occupied a lead role in the ID movement recently, most notably through its Center for Science and Culture, which boasts a number of leading ID proponents among its fellows and advisers." The Evolution of George Gilder Joseph P. Kahn. The Boston Globe, July 27 2005.
[3] Stephen C. Meyer, 2005. Ignatius Press. The Scientific Status of Intelligent Design: The Methodological Equivalence of Naturalistic and Non-Naturalistic Origins Theories. See also Darwin's Black Box.
[4] Heraclitus of Ephesus The G.W.T. Patrick translation.
[5] لكن في الواقع الحجج الأساسية تبقى نفسها: النظم المعقدة تقتضي وجود مصمم ولا يمكن وجودها اعتباطاً. من الأمثلة التي اُستخدمت سابقاً في هذا السياق: العين (أو النظام الإبصاري), الجناح المرّيش لطيران الطيور, أما حالياً فهناك أمثلة بيوكيميائية مثل: وظائف البروتين, تخثر الدم، وسياط الجراثيم (look: irreducible complexity).
[6] Thomas Aquinas, Summa theologiae. "Thomas Aquinas' 'Five Ways'" in faithnet.org.uk. He framed the argument as a syllogism: Wherever complex design exists, there must have been a designer; nature is complex; therefore nature must have had an intelligent designer.
[7] Richard Carrier: Antony Flew Considers God...Sort Of SecWeb, 10 October 2004.
[8] My Pilgrimage from Atheism to Theism: an Exclusive Interview with Former British Atheist Professor Antony Flew Gary R. Habermas, Philosophia Christi Vol. 6, No. 2 (Winter 2004).
[9] ذلك لأن الكون يتمدَّد, والمجرات تتباعد, ومن خلال خطوط الإزاحة الحمراء أمكن قياس مُعدل تباعد المجرات, ورجوعاً باaلزمن إلى الخلف نستنتج أن
الكون كان عبارة عن كرة متناهية في الصغر, وهذا أيضاً ما قالته نظرية الـ (Big Bang).
👈👈👈 (اضغط هنا)
.... Follow
👈👈👈 (اضغط هنا)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
لقراءة موضوعات تطبيقات عهد جديد
👈👈👈 (اضغط هنا)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
لقراءة موضوعات اسرار في لغة الوحي
👈👈👈 (اضغط هنا)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
لقراءة موضوعات عن الطلاق
👈👈👈 (اضغط هنا)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
لقراءة موضوعات عن الابوكريفا
تحميل مقدمة مهمة لفهم اسرار لغة الوحي (٦ صفحات) PDF
تحميل ٥ آيات من الانجيل تحليل وترجمة (١- ٥) (٥ صفحات) PDF